اخر الأخبار
|
||||||||||
رأي
مخرجات مؤتمر برلين.. تجاهل تركي واضح وإصرار على المضي قدمًا في الانتهاكات كتبت: نهال السيد جاءت افتتاحية الغارديان خلال عددها الجمعة الماضية تحت عنوان "تحليل للوضع الليبي ودوافع التدخل الأجنبي" بالتركيز على التدخل التركي، حيث تسلسل المقال على هذا النحو.
"لنمضِ سويًا بغية تغيير الأوضاع في ليبيا للأفضل وتصحيح المسار"، كانت تلك هي العبارة التي اختتم بها مؤتمر برلين المنعقد يناير الماضي فعالياته، فقد ارتكزت مخرجاته على السير باتجاه إنهاء الحرب الأهلية في ليبيا التي خلفت الآلاف من الأرواح، وشردت مئات الآلاف من المواطنين، لذلك اتفق المشاركون على أنه ينبغي وقف التدخل الأجنبي، وضرورة أن يلتزم الجميع بحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.
اقرأ أيضا: استراتيجيه اللوبي التركي لتغيير المواقف الأمريكية إزاء الأزمة الليبية
وعلى الرغم من الحاجة الماسة للسلام، وتأكيد مخرجات المؤتمر بضرورة تحقيق السلام في ليبيا إلا أن بعض المشاركين ضربوا بنتائج المؤتمر عرض الحائط واستمروا في انتهاكاتهم لسيادة الدولة الليبية والمضي نحو تحقيق مصالحهم على حساب المواطنين.
وكانت أبرز الانتهاكات ما فعله الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بعدما رصدت كاميرات، صور لبوارج وفرقاطات تقوم بإنزال معدات عسكرية وجنود مسلحين عبر ميناء طرابلس، وهو ما دفع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة يوم الخميس، إعلان أنها ستعلق جميع عملياتها في طرابلس، كما ستقوم بنقل عدة لاجئين من أماكن تواجدهم حاليًا خوفًا على سلامتهم وسلامة موظفيها وشركائها وسط تفاقم الصراع.
وأكد سوء الأوضاع في ليبيا تصريحات صادرة عن الأمم المتحدة، أفادت أن بعض المشاركين في اجتماع برلين قاموا بانتهاك مخرجاته والالتفاف حولها، وقام البعض منهم بشحن أسلحة ومرتزقة إلى ليبيا منتهكين بذلك الحظر بشكل صارخ.
دفعت هذه التجاوزات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لانتقاد اردوغان بسبب تراجعه عن الوفاء بوعوده بشأن إنهاء التدخل، واستمراره بإرسال سفن حربية تركية ومرتزقة سوريين، ومضي أنقرة في تفعيل بنود الاتفاقيتين اللتين وقعتهما مع حكومة الوفاق الوطني بقيادة السراج واللتين منحتا تركيا حق البحث عن الغاز قبالة ليبيا، وهما بالأساس منتهكتين للقانون الدولي.
ومن ناحية أخرى بدأت روسيا بإرسال مرتزقة لجني أكبر قدر من المصالح الخاصة استغلالًا للأوضاع الهشة في الداخل الليبي، فالكل ينظر لليبيا باعتبارها كعكة تسعى كل دولة لنيل القطعة الأكبر منها ارضاءًا لطموحاتها وتطلعاتها التوسعية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قام بتقديم الدعم السياسي لإسهامات الاتحاد الأوروبي ودولتي مصر والإمارات في تحقيق السلام داخل ليبيا والوقوف أمام أي قوى تسعى لزعزعة استقرار الدولة الليبية وانتهاك القرار الدولية والأممية.
فالليبيون عانوا على مدار عقود عدة من ظلم وديكتاتورية الرئيس السابق معمر القذافي، وظنوا أنه بموجب الإطاحة بنظامه سيعود الهدوء والاستقرار إلى ليبيا كما ستشهد الدولة تحول ديمقراطي تام، تشارك خلاله كل المكونات المجتمعية.
إلا أن ما حدث لم يكن كما توقع الليبيون فالوضع يسوء كل يوم بمعدل متزايد وحجم التدخلات الخارجية تشهد حالة من التفاقم، حتى جاءت قوات الجيش الوطني في محاولة منها لإصلاح سوء الأوضاع، حيث يتوقع الكثير أن قوات المشير خليفة حفتر ستبقى موحدة وستنجح خلال الفترة القادمة في القضاء على عدد لا بأس به من الميليشيات المسلحة، وتبرز دلالة التوقيت الذي ظهر فيه حفتر أهمية كبيرة.
فليبيا أصبحت مسرح لحروب الوكالة بين عديد من الدول، يأتي أبرزها الاتحاد الأوروبي وتركيا وروسيا وهو ما أدى لمزيد من تعقد المشهد وتأزمه.
وبناءً على ذلك أصبح لدى أوروبا كل الأسباب التي تدفعها للتحرك من أجل تحقيق الاستقرار في ليبيا، وسد الطرق أمام التنظيمات الإرهابية كتنظيمي القاعدة وداعش اللذين استنزفا كمًا لا بأس به من موارد الدولة الليبية خلال السنوات الماضية، ولعل الدافع والمحرك الأساسي أيضا يكمن في رغبة أوروبا بوقف تدفقات اللاجئين خاصة وأن ملف اللاجئين تسبب في قدر كبير من التهديدات الأمنية داخل أوروبا.
وأخيرًا ينبغي أن يركز الاتحاد الأوروبي على خمس أولويات: مكافحة الإرهاب، واللاجئين السوريين، والحدود وقضايا الطاقة في شرق البحر المتوسط، والحفاظ على العلاقات الاقتصادية حية، ودعم القطاع الليبرالي في المجتمع.
ومن ثم تعي أوروبا دورها الرئيسي في الوقوف أمام تصعيد بعض اللاعبين الدوليين التي انتهزت الفرصة لتحسين مكانتها ووضعها الداخلي باستنزاف ثروات دول أخرى، ولعل الخاسر الأكبر من وراء هذه السجالات بين القوى الأجنبية هو الشعب الليبي.
|
||||||||||